التفاؤل الكبير والإصرار على أن النجاح والجهد المتواصل في خدمة الوطن، هو ما أوصل الباحثة في علم الأحياء الخلوية الجزيئي في كلية العلوم في الجامعة الهاشمية الدكتورة رنا الدجاني بصناعة علامة فارقة في كافة أنحاء العالم، مؤكدة أن المرأة الأردنية قادرة على التغيير والتأثير في العالم.
الدجاني لم تكن مجرد باحثة في تخصصها وإنما استطاعت بأفكارها وطموحاتها الكبيرة أن تضع لنفسها بصمة في كافة مجالات الحياة، حيث تم اختيارها ضمن قائمة اكثر عشرين عالمة مؤثرة على العالم الإسلامي في مجال العلوم.
وجاء الإعلان عن هذه القائمة في مجلة مسلم ساينس، حيث شملت القائمة النساء المسلمات الأكثر نفوذا وتأثيرا في مجالات الفيزياء، البيولوجي، الكيمياء، الهندسة، الرياضيات والعلوم الاجتماعية.
وجاء اختيار الدجاني، نظير أعمالها المهمة في مجالات البحث العلمي والتدريس الجامعي ولما لها من جهود كبيرة وبناءة في دعم قضايا المرأة العربية والمسلمة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، والنشاطات المتنوعة لها في حقول العلوم، التعليم، البحث، إلى جانب نشاطها الكبير في دعم المرأة الأكاديمية كباحثة وعالمة ومساندتها لتكون مؤثرة في محيطها وطلابها ومجتمعها ووسطها الأكاديمي.
رؤية الدجاني الواضحة والكم الهائل من الأفكار التي تسعى من خلالها لصناعة تغيير حقيقي والتأثير بمن حولها. لم تلق مبادراتها وإنجازاتها إعجاب العالم الغربي فحسب وإنما أثرت فيهم وباتت نموذجا يحتذى به.
تميز الدجاني بدأ من نشوئها مع أخواتها السبع في عائلة تهتم بالتعليم وتحث عليه، فكان لوالديها النصيب الأكبر في التأثير على شخصيتها، فلم تكن كغيرها من الأطفال تقضي معظم وقتها على التلفاز وإنما كانت تهتم بالقراءة ومشاركة عائلتها بالألعاب التي تنمي الفكر والعقل.
وتضيف أن دعم والديها وإيمانهم بفكرها وقدرتها على النجاح هو ما سهل عليها طريقها، عازية ما وصلت إلية إلى تربية والديها الصالحة.
"أدين بنجاحاتي وتفوقي لزوجي فله الفضل لكل ما سبق وسيأتي"، شاكرة الله على وجوده بجانبها ودعمه الكبير لها، مؤكدة أن ما قدمه من تضحيات لتصل إلى ما وصلت إليه جعلها أكثر إصرارا على إتمام ما تقوم به.
"كانت الخطوة الأولى في إكمال دراستي العليا من زوجي"، تقول الدجاني التي تبين انه على الدوام يأخذ بيدها وؤمن بقدراتها، وينير لها لها دربها ويسهل مشوارها الصعب.
نجاحات الدجاني متتالية وفي كافة الحقول فقد حصلت على جائزة فولبرايت، حيث كانت وقتها استاذا زائرا في مركز الخلايا الجذعية في جامعة بيل عن طريق برنامج فولبرايت ومدير سابق لمركز الدراسات في الجامعة الهاشمية واستاذ زائر في جامعة كامبردج 2015.
وتركز ابحاثها في هذا الوقت على دراسات الجينات وعلاقتها بمرض السكري والسرطان في الأردن.
كما حصلت على جائزة الملك حسين للسرطان والتكنولوجيا الحيوية 2009 ، حيث ركزت في ابحاثها الأخرى على الخلايا الجذعية والمعلومات الحيوية، وأسست لجنة لبحث ودراسة أخلاقيات استخدام الخلايا الجذعية في الأبحاث، متضمنة علماء شريعة وأطباء وعلماء العلوم الحياتية، سيما وأنها عضو في اللجنة الوطنية للخلايا الجذعية.
وكان للدجاني نصيب كبير من الإعلام الغربي الذي سلط الضوء وبشكل كبير على حياتها العلمية وعملها في جانب البحوث، فقد كتبت حول العلوم والنساء والتعليم في العالم العربي في مجلة science and nature وتعتبر من أقوى وأهم المجلات العالمية في مجال العلوم، وتم تعيينها آنذاك مستشارة للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا في الأردن.
ولأخذ التعليم والعمل على تطويره حظا وافرا من وقت الدجاني ومجهودها فقد تم تعيينها كخبيرة في تطوير التعليم العالي لدى مكتب تمبوس الوطني وخبيرة استشارية للتعليم للبنك الإسلامي للتنمية في المملكة العربية السعودية.
كما أسست مركز خدمة التعليم في الجامعة الهاشمية تحت عنوان service learning center، فكانت من خلاله داعية للتعليم باستخدام التعلم القائم على المشكلة وقراءة الرواية وتقديم المسرحية والفن، حيث نظمت أول شبكة للتناصح بين العالمات، سيما وأنها عضو في المجلس الأردني.
وكانت الدجاني قد حصلت على جائزة peer award لمشروع الإرشاد للنساء العالمات three circles of alemat 2014 ، كما فازت مؤخرا في مبادرة نساء العلوم في الشرق الأوسط لعام 2015 من المكتب الإقليمي للبيئة والعلوم والتكنولوجيا والصحة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا woman hall of fame 2015.
وفي مجال آخر فقد وضعت الدجاني برنامجا مجتمعيا يهدف لتشجيع الأطفال على القراءة من أجل المتعة "نحن نحب القراء"، والتي حصلت على جائزة سينرجوس للمبدعين الاجتماعية في العالم العربي 2009 وعلى عضوية لينكتون العالمية المبادرة عام 2009 وشغلت مكانا في كتاب "الإبداع في التعليم"، الذي تموله دولة قطر، إضافة إلى جائزة الإبداع في التعليم 2014 من wise وأفضل أداء من مكتب الكونغرس الأميريكي 2013 ووسام الحسين من الدرجة الثانية 2014 .
وقد ادرج برنامج القراءة في سجل برامج اليونيسكو، حيث قامت بتدريب ما يزيد على 730 حكواتيا حتى يبدأوا بإنشاء مكتباتهم الخاصة في أحيائهم في مختلف مناطق الأردن، مبتدئة بحيها، حيث كانت تقرأ لأطفال الحي في المسجد.
واستطاعت الدجاني ومن خلال هذه المبادرة تأسيس 330 مكتبة في مختلف مناطق المملكة في مأدبا، الأغوار، الزرقاء، إربد، المفرق، الشوبك، العقبة، عجلون والكرك والسلط.
كما تم تطوير 12 كتابا للأطفال وانتشرت مبادرة نحن نحب القراءة في جميع انحاء العالم العربي ووصل دوليا إلى 21 دولة منها تركيا، المكسيك، تايلاند، أوغندا، أذربيجان والولايات المتحدة الأميركية.
وقد اختيرت الدجاني كواحدة من البطلات الناشئات اللاتي يتحملن مسؤولية دفع معدلات النمو الاقتصادي والاستقرار المجتمعي في الدول الإسلامية، معولين عليها قيادة قاطرة المستقبل، سيما وأنها نموذج مشرف يحتذى به من قبل الأجيال الشابة، صاحبة الطاقات والأفكار الابتكارية الملبية لاحتياجات المجتمعات والاقتصاديات في الدول الاسلامية.
وتجد الدجاني أن من حق الأردن عليها ان تمده بطاقاتها وإبداعاتها وان تسخر ما تملكه من فكر وإبداع في خدمة بلدها، رافضة السفر والاستقرار في أي مكان آخر معتبرة أن الأردن أولى بإنجازات أبنائها.